فصل: قال الفراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الصابوني:

سورة القيامة:
مكية.
وآياتها أربعون آية.
بين يدي السورة:
سورة القيامة مكية، وهي تعالج موضوع (البعث والجزاء) الذي هو أحد أركان الإيمان، وتركز بوجه خاص على القيامة وأهوالها، والساعة وشدائدها، وعن حالة الإنسان عند الاحتضار، وما يلقاه الكافر في الآخرة من المصاعب والمتاعب، ولذلك سميت سورة القيامة.
* ابتدأت السورة الكريمة بالقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة، على أن البعث حق لا ريب فيه {لا أقسم ببوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادربن على أن نسوي بنانه}.
* ثم ذكرت طرفا من علامات ذلك اليوم المهول، الذي يعصف فيه القمر، ويتحير فيه البصر، ويجمع فيه الخلائق والبشر للحساب والجزاء {فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر}.
* وتحدثت السورة عن اهتمام الرسول بضبط القرآن عند تلاوة جبريل عليه، فقد كان صلى الله عليه وسلم يجهد نفسه في متابعة جبريل، ويحرك لسانه معه ليسرع في حفظ ما يتلوه، فأمره تعالى أن يستمع للتلاوة ولا يحرك لسانه به {لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرآناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه}.
* وذكرت السورة انقسام الناس في الآخرة إلى فريقين: سعداء وأشقياء، فالسعداء وجوههم مضيئة تتلألأ بالأنوار، ينظرون إلى الرب جل وعلا، والأشقياء وجوههم مظلمة قاتمة يعلوها الذل والقترة {وجوة يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة}.
* ثم تحدثت السورة عن حال المرء وقت الاحتضار، حيث تكون الأهوال والشدائد، ويلقى الإنسان من الكرب والضيق ما لم يكن في الحسبان {كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق فلا صدق ولا وصلى ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله يتمطى..} الآيات.
* وختمت السورة الكريمة باثبات الحشر والمعاد، بالأدلة والبراهين العقلية {أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى}؟. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة القيامة 75:
مكية.
وقد ذكر نظيرتها في المدنيين والمكي والشامي ونظيرتها في الكوفي النبأ ولا نظير لها في البصري.
وكلمها مائة وتسع وتسعون كلمة.
وحروفها ستمائة واثنان وخمسون حرفا.
وهي أربعون آية في الكوفي وتسع وثلاثون في عدد الباقين.
اختلافها آية {لتعجل به} عدها الكوفي ولم يعدها الباقون.
وليس فيها مما يشبه الفواصل شيء.

.ورءوس الآي:

{القيامة}.
1- {اللوامة}.
2- {عظامه}.
3- {بنانه}.
4- {أمامه}.
5- {القيامة}.
6- {البصر}.
7- {القمر}.
8- {والقمر}.
9- {المفر}.
10- {لا وزر}.
11- {المستقر}.
12- {وأخر}.
13- {بصِيرة}.
14- {معاذيره}.
15- {وقرآنه}.
17- {قرآنه}.
18- {بيانه}.
19- {العاحلة}.
20- {الآخرة}.
21- {ناضرة}.
22- {ناظرة}.
23- {باسرة}.
24- {فاقرة}.
25- {التراقي}.
26- {من راق}.
27- {الفراق}.
28- {بالساق}.
29- {المساق}.
30- {ولا صلى}.
31- {وتولى}.
32- {يتمطى}.
33- {فأولى}.
34- {فأولى}.
35- {سدى}.
36- {تمنى}.
37- {فسوى}.
38- {والأنثى}.
39- {الموتى}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة القيامة:
{لا أُقْسِمُ} تزيد العرب كلمة {لا} في القسم كما قال امرؤ القيس:
لا وأبيك ابنة العامرىّ ** لا يدّعى القوم أنى أفرّ

ويرى قوم أن (لا) نافية ردّ لكلام كان قد تقدم وجواب لهم، وذلك هو المعروف في كلام الناس في محاوراتهم فإذا قال أحدهم: لا واللّه لا فعلت كذا- قصد بقوله (لا) رد الكلام السابق، وبقوله واللّه ابتداء يمين، فهم لما أنكروا البعث قيل لهم: ليس الأمر على ما ذكرتم ثم أقسم {بيوم القيامة} و{بالنفس اللوامة}: إن البعث حق لا شك فيه.
ويرى جمع من المفسرين أنها للنفى على معنى أنى لا أعظمه بإقسامى به حق إعظامه، فإنه حقيق بأكثر من هذا وهو يستأهل فوق ذلك.
قال مجاهد: النفس اللوامة هي التي تلوم نفسها على مافات، وتندم على الشر لم فعلته؟ وعلى الخير لم لم تستكثر منه؟ فهى لم تزل لأئمة وإن اجتهدت في الطاعات (بلى) كلمة يجاب بها إذا كان الكلام منفيا، فالمراد بها هنا نعم نجمعها بعد تفرقها، والبنان واحده بنانة وهى الأصابع. قال النابغة:
بمخضّب رخص كأن بنانه ** عنم يكاد من اللطافة يعقد

{ليفجر أمامه}: أي ليدوم على فجوره في الحاضر والمستقبل لا ينزع عنه، {برق} تحير فزعا من قولهم: برق الرجل إذا نظر إلى البرق فدهش بصره، قال ذو الرمة:
ولو أنّ لقمان الحكيم تعرّضت ** لعينيه مىّ سافرا كاد يبرق

و{خسف القمر}: ذهب ضوءه، و{المفر}: الفرار، والوزر: الملجأ وأصله الجبل المنيع، ومنه قوله:
لعمرك ما للفتى من وزر ** من الموت يدركه والكبر

{ينبأ}: أي يخبر، {بصِيرة}: أي حجة شاهدة على ما صدر منه، والمعاذير: ما يعتذر به.
{لتعجل به}: أي لتأخذه على عجل مخافة أن يتفلت منك، و{قرءانه}: أي قراءته أي إثباتها في لسانك، {قرآناه}: أي قرأه جبريل عليك، {فاتّبع قرءانه}: أي فاستمع قراءته، وكررها حتى يرسخ في نفسك، {بيانه}: أي تفسير ما فيه من الحلال والحرام وبيان ما أشكل من معانيه، و{العاجلة}: دار الدنيا، {ناضرة}: أي متهللة بشرا بما ترى من النعيم، {ناظرة}: أي تنظر إلى ربها عيانا بلا حجاب، {باسرة}: أي شديدة العبوس كالحة متغيرة مسودة، {تظن}: أي تستيقن، {فاقرة}: أي داهية عظيمة تكسر فقار الظهر.
{التراقى}: العظام المكتنفة ثغرة النحر عن يمين وشمال، واحدها ترقوة، {من راق}: أي من يرقيه وينجيه مما هو فيه على نحو ما يستشفى به الملسوع والمريض من الكلام الذي يعدّ لذلك والمراد هل من طبيب يشفى بالقول أو بالفعل، {الفراق}: أي من الدنيا حبيبته، {التفّت الساق بالساق}: أي التوت عليها حين هلع الموت وقلقه والمراد أنه اشتد عليه الخطب، {المساق}: المرجع والمآب، {فلا صدّق ولا صلى}: أي فلا آمن بقلبه ولا عمل ببدنه، {يتمطى}: أي يتبختر افتخارا، {أولى لك}: أي ويل لك، وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكره، {فأولى}: أي فهو أولى بك من غيرك، فدلت الأولى على الدعاء عليه بقرب المكروه، ودلت الثانية على الدعاء عليه بأن يكون أقرب إليه من غيره، {سدى}: أي مهملا لا يؤمر ولا ينهى، ولا يكلف في الدنيا ولا يحاسب، {نطفة}: أي ماء قليلا وجمعها نطاف ونطف، {يمنى}: أي يراق ويصب في الرحم، {علقة}: أي قطعة دم جامد. اهـ.. باختصار.

.قال الفراء:

سورة القيامة:
{لا أُقْسِمُ بِيوْمِ الْقِيامةِ}
قال أبو عبد الله: سمعت الفراء يقول: وقوله: {لا أُقْسِمُ..}. كان كثير من النحويين يقولون: (لا) صلة قال الفراء: ولا يبتدأ بجحد، ثم يجعل صلة يراد به الطرح؛ لأن هذا الوجاز لم يعرف خبر فيه جحد من خبر لا جحد فيه. ولكن القرآن جاء بالرد على الذين أنكروا: البعث، والجنة، والنار، فجاء الإقسام بالرد عليهم في كثير من الكلام المبتدأ منه، وغير المبتدأ: كقولك في الكلام: لا والله لا أفعل ذاك؛ جعلوا (لا) وإن رأيتها مبتدأة ردّا لكلامٍ قد كان مضى، فلو ألقيت (لا) مما ينوى به الجواب لم يكن بين اليمين التي تكون جوابا، واليمين التي تستأنف فرق. ألا ترى أنك تقول مبتدئا: والله إن الرسول لحق، فإذا قلت: لا والله إن الرسول لحق، فكأنك أكذبت قوما أنكروه، فهذه جهة (لا) مع الإقسام، وجميع الأيْمان في كل موضع ترى فيه (لا) مبتدأ بها، وهو كثير في الكلام.
وكان بعض من لم يعرف هذا الجهة فيما ترى يقرأ {لأقسم بيوم القيامة} ذكر عن الحسن يجعلها (لاما) دخلت على أقسم، وهو صواب؛ لأن العرب تقول: لأحلف بالله ليكونن كذا وكذا، يجعلونه (لاما) بغير معنى (لا).
{ولا أُقْسِمُ بِالنّفْسِ اللّوّامةِ}
وقوله عز وجل: {ولا أُقْسِمُ بِالنّفْسِ اللّوّامةِ..}..
ليس من نفس برّة ولا فاجرة إِلاّ وهى تلوم نفسها إن كانت عملت خيرا قالت: هلا ازددت وإن كانت عملت سُوءا قالت: ليتنى قصرت! ليتنى لم أفعل!
{بلى قادِرِين على أن نُّسوِّي بنانهُ}
وقوله عز وجل: {بلى قادِرِين على أن نُّسوِّي بنانهُ..}..
جاء في التفسير: بلى نقدر على أن نسوى بنانه، أي: أن نجعل أصابعه مصمّتة غير مفصلة كخف البعير، فقال: بلى قادرين على أن نعيد أصغر العظام كما كانت، وقوله: {قادرين} نصبت على الخروج من {نجمع}، كأنك قلت في الكلام: أتحسب أن لن نقوى عليك، بلى قادرين على أقوى منك. يريد: بلى نقوى قادرين، بلى نقوى مقتدرين على أكثر من ذا. ولو كانت رفعا على الاستئناف، كأنه قال: بلى نحن قادرون على أكثر من ذا- كان صوابا.
وقول الناس: بلى نقدر، فلما صرفت إلى قادرين نصبت- خطأٌ؛ لأن الفعل لا ينصب بتحويله من يفعل إِلى فاعل. ألا ترى أنك تقول: أتقوم إلينا؛ فإن حولتها إلى فاعل قلت: أقائم، وكان خطأ أن تقول: أقائما أنت إِلينا؟ وقد كانوا يحتجون بقول الفرزدق:
على قسمٍ لا أشتم الدهر مسلما ** ولا خارجا مِنْ في زورُ كلام

فقالوا: إنما أراد: لا أشتم، ولا يخرج، فلما صرفها إلى خارج نصبها، وإِنما نصب لأنه أراد: عاهدتُ ربى لا شاتما أحدا، ولا خارجا من في زور كلام. وقوله: لا أشتم في موضع نصب.
{بلْ يريد الإنسان ليفجر أمامهُ}
وقوله عز وجل: {ليفجر أمامهُ..}..
حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: وحدثني قيس عن أبى حصين عن سعيد بن جبير في قوله: {بلْ يريد الإنسان ليفجر أمامهُ} قال: يقول: سوف أتوب سوف أتوب. وقال الكلبى: يُكثر الذنوب، ويؤخر التوبة.
{فإِذا برق الْبصرُ}
وقوله عز وجل: {فإِذا برق الْبصرُ..}..
قرأها الأعمش وعاصم والحسن وبعضُ أهل المدينة {برق} بكسر الراء، وقرأها نافع المدنى {فإِذ برق البصر} بفتح الراءِ من البريق: شخص، لمن فتح، وقوله: {برق}: فزع، أنشدنى بعض العرب:
نعانِى حنانةُ طُوبالة ** تُسفُّ يبيسا من العِشْرِقِ

فنفسك فانْع ولا تنْعنِى ** وداوِ الكُلُوم ولا تبرق

فتح الراء أي: لا تفزع من هول الجراح التي بك، كذلك يبرق البصر يوم القيامة.
ومن قرأ {برق} يقول: فتح عينيه، ويرق بصره أيضا لذلك.
{وخسف الْقمرُ}
وقوله عز وجل: {وخسف الْقمرُ..}..
ذهب ضوءه.
{وجُمِع الشّمْسُ والْقمرُ}
وقوله عز وجل: {وجُمِع الشّمْسُ والْقمرُ..}..
وفى قراءة عبد الله {وجمع بين الشمس والقمر} يريد: في ذهاب ضوئها أيضا فلا ضوء لهذا ولا لهذه. فمعناه: جمع بينهما في ذهاب الضوء كما تقول: هذا يوم يستوى فيه الأعمى والبصير أي: يكونان فيه أعميين جميعا. ويقال: جمعا كالثورين العقيرين في النار. وإنما قال: جُمِع ولم يقل: جمعت لهذا؛ لأن المعنى: جمع بينهما فهذا وجه، وإن شئت جعلتهما جميعا في مذهب ثورين. فكأنك قلت: جُمِع النوران، جُمِع الضياءان، وهو قول الكسائى: وقد كان قوم يقولون: إنما ذكرنا فعل الشمس لأنها لا تنفرد بجُمع حتى يشركها غيرها، فلما شاركها مذكر كان القول فيهما جُمِعا، ولم يجر جمعتا، فقيل لهم: كيف تقولون الشمس جُمع والقمر؟ فقالوا: جُمِعت، ورجعوا عن ذلك القول.
{يقول الإنسان يوْمئِذٍ أيْن الْمفرُّ}
وقوله عز وجل: {أيْن الْمفرُّ..}..
قرأه الناس المفر بفتح الفاء حدثنا أبو العباس قال، حدثنا محمد قال وقال: حدثنا الفراء، قال: وحدثني يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن رجل عن ابن عباس أنه قرأ: {أين المفِر} وقال: إنما المفر مفر الدابة حيث تفر، وهما لغتان: المفِر والمفر، والمدِبُّ والمدبُّ. وما كان يفعل فيه مكسورا مثل: يدِب، ويفِر، ويصِح، فالعرب تقول: مفِر ومفر، ومصِح ومصح، ومدِب ومدب. أنشدنى بعضهم:
كأن بقايا الأثر فوق متونه ** مدب الدّبى فوق النقا وهو سارِح

ينشدونه: مدب، وهو أكثر من مدِب. ويقال: جاء على مدب السيل، ومدِب السيل، وما في قميصه مصِح ولا مصحٌّ.
{كلاّ لا وزر}
وقوله عز وجل: {كلاّ لا وزر..}..
والوزر: الملجأ.
{يُنبّأُ الإنسان يوْمئِذٍ بِما قدّم وأخّر}
وقوله عز وجل: {يُنبّأُ الإنسان يوْمئِذٍ بِما قدّم..}..
يريد: ما أسلف من عمله، وما أخر من سُنة تركها بعمل بها من بعده، فإن سنّ سنة حسنة كان له مثل من يعمل بها من غير أن يُنتقصوا، وإن كانت سنة سيئة عذب عليها، ولم ينقص من عذاب من عمل بها شيئا.
{بلِ الإنسان على نفسه بصِيرة}
وقوله عز وجل: {بلِ الإنسان على نفسه بصِيرة..}..
يقول: على الإنسان من نفسه رقباء يشهدون عليه بعمله: اليدان، والرجلان، والعينان، والذكر، قال الشاعر:
كأنّ على ذى الظن عينا بصِيرة ** بمقعدِه أو منظرٍ هو ناظرُه

يُحاذِرُ حتى يحسب الناس كلّهم ** من الخوفِ لا تخفى عليهم سرائرُه

{ولوْ ألْقى معاذِيرهُ}
وقوله عز وجل: {ولوْ ألْقى معاذِيرهُ..}..
جاء في التفسير: ولو أرخى ستوره، وجاء: وإن اعتذر فعليه من يكذب عذره.
{لا تحرك به لِسانك لِتعْجل به}
وقوله عز وجل: {لا تحرك به لِسانك..}..
كان جبريل صلى الله عليه وسلم إذا نزل بالوحى على محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن قرأ بعضه في نفسه قبل أن يستتمه خوفا أن ينساه، فقيل له {لا تحرك به لِسانك لِتعْجل به إِنّ عليْنا جمْعهُ} في قلبك {وقرآنه} وقراءته، أي: أن جبريل عليه السلام سيعيده عليك.
{فإِذا قرآناهُ فاتّبِعْ قرآنه}
وقوله عز وجل: {فإِذا قرآناهُ فاتّبِعْ قرآنه..}..
إذا قرأه عليك جبريل عليه السلام {فاتبع قرآنه}، والقراءة والقرآن مصدران، كما تقول: راجحٌ بين الرجحان والرجوح. والمعرفة والعرفان، والطواف والطوفان.
{كلاّ بلْ تُحِبُّون الْعاجِلة وتذرُون الآخِرة}
وقوله عز وجل: {كلاّ بلْ تُحِبُّون الْعاجِلة..}.. {وتذرُون الآخِرة..}..
رويت عن على بن أبى طالب، رحمه الله: {بلْ تُحِبُّون وتذرُون} بالتاء، وقرأها كثير: {بل يحبون} بالياء، والقرآن يأتى على أن يخاطب المنزل عليهم أحيانا، وحينا يُجعلون كالغيب، كقوله: {حتّى إِذا كُنْتُمْ في الْفُلْكِ وجريْن بهمْ بِرِيحٍ طيِّبةٍ}.
{وُجُوهٌ يوْمئِذٍ نّاضِرةٌ}
وقوله عز وجل: {وُجُوهٌ يُوْمئِذٍ نّاضِرةٌ..}..
مشرقة بالنعيم.
{ووُجُوهٌ يوْمئِذٍ باسِرةٌ}
{ووُجُوهٌ يُوْمئِذٍ باسِرةٌ..}. كالحة.
{تظُنُّ أن يُفْعل بها فاقِرةٌ}
وقوله عز وجل: {تظُنُّ أن يُفْعل بها فاقِرةٌ..}..
والفاقرة: الداهية، وقد جاءت أسماء القيامة، والعذاب بمعانى الدواهى وأسمائها.
{كلاّ إِذا بلغتِ التّراقِي}
وقوله عز وجل: {كلاّ إِذا بلغتِ التّراقِي..}..
يقول: إذا بلغت نفْس الرجل عند الموت تراقيه، وقال من حوله: {منْ راقٍ} هل من مداو؟ هل من راق؟ وظن الرجلُ {أنه الفراق}، علم: أنه الفراق، ويقال: هل من راق إن ملك الموت يكون معه ملائكة، فإذا أفاظ الميت نفسه، قال بعضهم لبعض: أيكم يرقى بها؟ من رقيت أي: صعدتُ.
{والْتفّتِ السّاقُ بِالسّاقِ}
وقوله عز وجل: {والْتفّتِ السّاقُ بِالسّاقِ..}..
أتاه أولُ شدة أمر الآخرة، وأشد آخر أمر الدنيا، فذلك قوله: {والْتفّتِ السّاقُ بِالسّاقِ}، ويقال: التفت ساقاه، كما يقال للمرأة إِذا التصقت فخذاها: هي لفّاء.
{ثُمّ ذهب إِلى أهْلِهِ يتمطّى}
وقوله عز وجل: {يتمطّى..}..
يتبختر؛ لأن الظهر هو المطا، فيلوى ظهره تبخترا وهذه خاصة في أبى جهل.
{ألمْ يكُ نُطْفة مِّن مّنِيٍّ يُمْنى}
وقوله عز وجل: {مِّن مّنِيٍّ يُمْنى..}..
بالياء والتاء. من قال: يُمنى، فهو المعنى، وتُمنى للنطفة. وكلٌّ صوابٌ، قرأها أصحاب عبد الله بالتاء. وبعض أهل المدينة أيضا بالتاء.
{أليْس ذلِك بِقادِرٍ على أن يُحْيِي الْموْتى}
وقوله عز وجل: {أن يُحْيِي الْموْتى..}..
تظهر الياءين، وتُكسر الأولى، وتجزم الحاء. وإن كسرت الحاء ونقلت إليها إعراب الياء الأولى التي تليها كان صوابا، كما قال الشاعر:
وكأنها بين النساء سبيكة ** تمشى بِسُدّةِ بيتها فتعىّ

أراد: فتعيا. اهـ.